تقع محافظة لحج في الجنوب الغربي من الجمهورية اليمنية جنوب العاصمة صنعاء على بعد 320كيلو متر وتبعد عن عدن مسافة لا تزيد عن 40كيلومتر وهي منطقة صحراوية رملية … علما أن لحج تعتبر من الواحات الخصبة في عموم الجزيرة العربية بل هي من أهم الواحات الزراعية في اليمن ككل ، لأن تربتها تحتوي على كل عوامل الخصب والمواد الفسفورية والنتروجين وأكسيد البوتاسيوم وغيرها مما يتجمع في الوديان من السيول، وفيها أشهر وادي وهو وادي تبن وقد يطلق عليه وادي لحج حيث تبدأ تسمية وادي تبن من منابعه كما تتبعها لسان اليمن الهمداني من منطقة (إب) حتى ساحل عدن كما ورد ذلك في صفة جزيرة العرب ، والمعروف أن أي منطقة توفرت فيها هذه الميزات المتوفرة في وادي لحج من سهولة أرضها وخصوبتها وجريان أوديتها فلا بد من وجود حضارات فيها ، ولحج لا تقل في الأهمية عن غيرها من المناطق في الجزيرة فقد وردت فيها الكثير من الحكايات والأساطير التي قد لا يصدقها العقل ولست في هذا المجال بصدد ذكر هذه الأساطير لأني أريد أن اعتمد في الكتابة على الأشياء والأخبار الموثقة .
أول ذكر للحج .
يعود ذكر لحج حسب النقوش إلى القرن السابع قبل الميلاد عند ذكر المكرب السبئي (كرب آل وتر بن ذمار) أثناء حملته العسكرية لتوحيد اليمن كما في نقش النصر الموسوم (RES.3945) باسم دهم وتبن وهي التي تضم الآن يافع العليا أما تبن فيقصد به وادي تبن .
قصري لحج وعدن من عجائب قوم عاد
ورد في كتاب هذا هو تاريخ اليمن (الأرهاص) ص 273 وهو يتكلم عن قوم عاد وعظمتهم وقوتهم والعجائب التي وجدت عندهم وأول ما ذكر عجايب قوم عاد ذكر قصري لحج وعدن ثم قال وهما من أهم قصور قوم عاد وقد ذكر في أكثر من مرجع منها (آثار البلاد وأخبار العباد) جاء ذكر ذلك في مقرض كلام طويل حول اليمن ، وفي خلافة الخليفة معاوية بن أبي سفيان بعث عبد الرحمن بن الحكم واليا على اليمن .
فبلغه أن بساحل عدن قصرين من قصور قوم عاد وأن في بحرها كنز فطمع وذهب في مائة فارس إلى ساحل عدن فرأى ما حولها من الأرض سباخا بها آثار الآبار ورأي قصرا مبنيا بالصخر والكلس وعلى بعض أبوابه صخرة عظيمة بيضاء مكتوب عليها (غنينا زمانا في عراصة ذا القصر بعيش رخي غير ضنك ولا نذر .
ثم ذهب إلى القصر الثاني وكان مكتوب عليه (غنينا بهذا القصر دهرا فلم تكن لنا همة إلا التلذذ والقصف ) .
سد العرائس :
تذكر الكثير من المصادر التاريخية سد العرائس وترجع المصادر التاريخية أن الذي بنا هذا السد هم التبابعة لخزن المياه وتوزيعها على الأراضي الزراعية ولكن لا أثر لهذا السد اليوم ، غير أن محمد علي الاكوع في كتابه اليمن الخضراء والقمندان وغيرهم يحددون موقع السد بقولهم (أنه يقع في أعلى وادي لحج وترجح المصادر أنه من أهم سدود اليمن بعد سد مأرب ) .
دار العرائس :
تقع شمال مدينة الحوطه على بعد حوالي 21كيلومتر تقريبا على الضفة الغربية لوادي تبن ، ويشتمل الموقع على خرائب لقصر عثماني بني في فترة تواجد العثمانيين الأتراك – في منطقة لحج ، والقصر على شكل مستطيل أبعاده (40×16.5متر) وقد أقيم ذلك القصر على خرائب موقع قديم يعد تاريخه الى فترة ما قبل الإسلام ، تظهر منه بقايا جدار في الجزء الشرقي من القصر ، ويتكون من خمسة صفوف بنيت بطريقة محكمة ، وبأحجار مهندمة ، يمتد ذلك الجدار من الشمال إلى الجنوب ، ويبلغ طوله حوالي(7.5متر) يتعامد على جدار آخر شرقي طوله (4.35متر) وأعلى ارتفاع لبقايا ذلك الجدار حوالي (4.14متر) ويظهر أن هذه الجدران ما هي إلا بقايا مبنى قديم يحتمل أن يكون معبدا نظرا لطريقة أسلوب بناء الحجارة ، وهي تكاد أن تكون طريقة واحدة في بناء جدران المعبد في مختلف أراضي الدولة القتبانية التي كان هذا الموقع أحد ممتلكاتها ، وقد عثر على نقش في هذا الموقع كتب بخط المسند ولكنه تالف لم يبق منه سوى بعض الحروف المسندية ، ونتيجة لأهمية وادي تبن منذ العصور القديمة فيحتمل أن يكون موقع دار العرائس هو واحد من بقايا مدن الوادي أن لم يكن حاضرتها .
كود أمسيلة :
يقع كود أمسيلة في الضفة الشرقية من الوادي الكبير وجنوبي مدينتا الحوطه والوهط ، ولفظه كود تعني أكمة أو تل ، أما أمسيله فهي السائلة وحرفي الألف والميم في لهجة منطقة لحج تقابل آل التعريف ، وقد أطلق المؤرخ اللحجي (أحمد بن فضل العبدلي) في كتابه هدية الزمن على كود أمسيلة اسم – اللخبة- لتشابه أوصافه مع ما جاء على لسان (ابن المجاور) في كتابه (صفة بلاد اليمن) ، واللخبة اسم قد تكرر في عدة مناسبات في المصادر الإخبارية أهمها تلك المعارك التي دارت بين الملك المنصور (عبدالله بن أحمد بن إسماعيل) (827-831هجرية) وعمه الملك الظاهر (يحيى بن إسماعيل) -831-842هـ) للسيطرة على مدينة عدن في (الربع الأول من القرن التاسع الهجري) وقد نقلت معظم المصادر أخبار تلك المعارك عن (الخز رجي) وعن (الجندي) أحيانا وتوحي تلك المصادر أن لهذا الموقع أهمية استراتيجية واقتصادية خاصة بالنسبة لمدينة عدن ، فقد كانت تقيم أو تعسكر فيه الجيوش الغازية استعدادا للزحف على مدينة عدن ، وتعود إليه حين تضطر الظروف للتقهقر ، وفيه تقام مخازن وقيادة الجيش لتمد القوات المرابطة حول عدن بالمؤن والغذاء إضافة إلى حماية الجيش من الخلف تحسبا لأي هجوم مباغت ، ولا يذكر (بامخرمة) أنه عرف هذا الموقع ولكنه نقل عن (بن المجاور) أنه يبعد عن مدينة عدن حوالي(فرسخين إلا ربع) وكتب (بامخرمة) عن الموقع أنه كان قرية عامرة ينقل منها الآجر والزجاج إلى مدينة عدن ، وكان بها دكاكين ومعاصر للزيت ، زيت الجلجل– السمسم- وكان يسكنها جماعة من الأهدوب والعقارب وغيرهم ، ولم تزل عامرة إلى أن استولى على مدينة عدن الشيخان (عامر و علي ) أبناء الشيخ طاهر بن داود وكان قطاع الطرق من الطوالق وغيرهم ينهبون الناس من أمصادة – وأمصادة اشتهرت كمأوى لقطاع الطرق وشذاذ القبائل – ثم يأوون إليها وانتقل بعض أهلها إلى مدينة عدن وبعضهم إلى السيلة والوهط وغيرها ، ولعل الموقع اختفى قبل أن يدركه (بامخرمه) في (القرن التاسع الهجري) وكود أمسيلة الآن عبارة عن مجموعة تلال تنتشر على سطحه الشقافات الفخارية والآجر ، والزجاج ، والى جانبه الكثير من المجاهيل – جمع مجهالة – وهي الموقع الأثري القديم الذي يمثل تل أو أكمة ، غالبا ما تعلوه شقافات فخارية تجعل سطحه ذو لونا محمرا ، ويطلق عليها الاسم ، أما لكونها مجهولة التاريخ أو أنها منسوبة إلى الجهالية لقدمها ، ويطلق عليها – أيضا – اسم المشقافة – والشقف قطعة الفخار ، وكذلك اسم العادية نسبة إلى قوم عاد .
صبر :
أقدم مستوطنة في الجزيرة العربية .
تقع قرية صبر (مستوطنة صبر) شمال مدينة عدن على بعد حوالي 20كيلومتر على الطريق الأسفلتي والممتد من عدن إلى حوطه لحج وقد توافد العديد من العلماء الأثريين إلى موقع قرية صبر في لحج منذ مطلع (القرن التاسع عشر الميلادي ) .
بعد أن كشفت عنه المسوحات الجوية التي قامت بها الدولة البريطانية في عام 1932م أثناء احتلالها المحافظات الجنوبية – وعلى أثر ذلك فقد زار هذا الموقع الإنكليزي (L.Beihaven) وقدم دراسات عنه حيث أشار إلى أنه يتكون من مجموعة من التلال المتواصلة التي لا يمكن حصرها والتي تغطي سطحها شقافات الفخار ، مما أعطى لتلك التلال لونا يبدو كالأحمر – وهي ترتفع عن السهل بحوالي (30-40متر) تقريبا .
وقد ذكر أن العثمانيين قد حفروا في عام (1917م) حفرة عميقة بلغ عمقها حوالي (أربعين قدما) في إحدى تلك التلال ولكن الفخار لم ينته بمعنى أن هذا الموقع يبدوا أعمق من ذلك مما يدل على قدمه التاريخي ، وأعطى حينذاك عمرا تقريبا للموقع وهو ما بين القرنين السادس والخامس قبل الميلاد ) .
ثم زار الموقع بعد ذلك الأمريكي (w.F.AIbrignt) وتلاه الأنكليزي (Brian Doe) ، في مطلع عقد السبعينات من القرن العشرين الميلادي ، والاهم من ذلك الدراسات والأبحاث التي قامت بها البعثة الأثرية اليمنية والألمانية الروسية المشتركة خلال الأعوام 1994-1998م حيث قامت خلال تلك الأعوام بحفريات أثرية مكثفة في قرية صبر كشفت عن أهم موقع أثري في الجزيرة العربية حيث يعود تاريخه من خلال المعطيات الأولية إلى ما بين (1000-1500عاما) قبل الميلاد حيث أن الموقع غني بمحتوياته الأثرية أكثر من أي موقع آخر في اليمن وتتنوع المكتشفات الأثرية التي تم العثور عليها في الموقع ما بين أواني خزفية ودمى فخاريه في اشكال بشريه وحيوانية والموقع عباره عن مجمع مصانع لإنتاج الفخار ، أما الحضارة التي كانت تتبعها قرية صبر فهي من الحضارات الساحلية ، ويعتبر أكبر المواقع الحضارية الساحلية في الجزيرة العربية .
مدينة الرعارع :
مدينة الرعارع هي عبارة عن موقع أثري قديم ، تقع شمال مدينة الحوطه على بعد حوالي (ثلاثة كيلومتر) على الضفة الغربية للوادي الصغير ، وهي عبارة عن أكمة أو تلة مستطيلة الشكل تقريبا أبعادها (86×198متر) ترتفع عن سطح السهل فيما بين (5-8مترات) وارتفاعها هذا جعلها تشرف على بساتين النخيل المحيطة بها ، وتنتشر على سطح تلك التلة الشقافات الفخارية المصقولة ، وبقايا أواني زجاجية ملونة ، وأساور زجاجية ملونة – أيضا تدل بقايا المستوطنة التي كانت فيها مبان مبنية بالآجر ، يرجع آخر تاريخ لاستيطان الموقع إلى (القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلادي (من خلال العملات البرونزية) التي عثر عليها في السطح ، وتشير معظم المصادر التاريخية الإخبارية أن مدينة الرعارع كانت عاصمة مخلاف لحج ، وكانت محور شهرتها تلك الواقعة المشهورة المتمثلة في حرب التصفية بين (آل بني زريع) في (منتصف القرن السادس الهجري) حيث دارت المعارك بين الداعي (سبأ أبي السعود) و (علي بن أبي الغارات) .
وهما من (آل زريع) فبعد أن توفى (أبو السعود) الذي كان يحكم ميناء ومدينة عدن وأراضي لحج ، خلفه في منطقة نفوذه ابنه (سبأ) ثم ابنه (محمد) ثم أخوه (علي بن أبي الغارات) وهو صاحب حصن الخضراء والمستولي على ميناء ومدينة عدن ، أما الداعي (سبأ) فكان له حصن التعكر على ميناء ومدينة عدن ، وحصن الدملؤة ، وسامع ، ومطران ، وذبحان ، وأجزاء أخرى من المعافر وبعض الجند ، وقد كانت أعماله كبيرة وواسعة وقد توترت العلاقات بين الداعي (سبأ بن أبي السعود) و عمه (علي بن أبي الغارات) بسبب التصرفات السيئة التي حصلت من عمال (علي بن أبي الغارات) واعتدائهم على عمال الداعي (سبأ) وإفسادهم ، وقد أدى ذلك الأمر الى حروب بين الطرفين ، وكان (علي بن أبي الغارات) يتخذ في هذا الوقت من مدينة الرعارع عاصمة له ، وبدأت الحروب منذ محاولة الداعي (سبأ) احتلال مدينة الرعارع لتأديب عمه) علي بن أبي الغارات ) وظلت هذه الحروب فترة زمنية طويلة أطلقت عليها المصادر التاريخية الإخبارية – فتنة الرعارع- والتي انتهت بانتصار الداعي (سبأ) الذي دخل مدينة الرعارع منتصرا ، ثم تعرضت مدينة الرعارع للنهب والتدمير من قبل (مهدي بن علي الرعيني) الذي أغار على مخلاف لحج مرتين متتاليتين ، قتل خلالهما الكثير من أهل لحج وسبى نسائهم وأموالهم الجزيلة ، كان ذلك في عام (558هجرية) ، ولكن تم إعادة عمارتها من جديد لنجدها -أيضا- في نهاية دولة الطاهريين (في الربع الأول من القرن العاشر الهجري ) قد تعرضت للتدمير ، فبعد أن شعر الطاهريون أن العثمانيون – الأتراك – قد تغلغلوا في البلاد ، وبدؤوا يقلصون نفوذ الدولة الطاهرية لدرجة أنهم اقتربوا من عاصمة الطاهريين المقرانة في مدينة رداع ، فما كان من الطاهريين إلا أن وجهوا قبيلة الهياثم التي كانت تستوطن أبين إلى لحج لحفظ الأمن فيها ولحمايتها من العثمانيين ، وبالفعل توجهت قبيلة الهياثم إلى لحج ووصلت الى جوار مدينة الرعارع ، وأبلغ نائب الطاهريين في مدينة الرعارع بالأمر ، وعند وصولهم إلى لحج طلبوا منه أن يزودهم بالغذاء والمؤنة ، ولكنه تخاذل ولم يصدق ذلك فهرب إلى مدينة عدن وعلى أثرها اجتاحت قبيلة الهياثم مدينة الرعارع ونهبوها بقيادة مجرب بن حيدره بن مسعود الهيثمي ، ولم يكتفوا بذلك بل توجهوا – أيضا – الى مدينتي بني أبه العليا والسفلى اللتان تقعان غرب مدينة الرعارع ، على الضفة الشرقية للوادي الكبير ، فنهبوهما ودمروهما فما كان من سكان مدينة الرعارع ، وسكان مدينة ببني أبة – التي حرف أسمها أخيرا إلى (ميبة) – إلا أن هربوا إلى حوطتي سفيان وبلجفار ، وتدهورت مدينة الرعارع ، وكانت هذه بداية النهاية لها حيث تحولت العاصمة إلى حوطه بلجفار ، ولم يعد لها ذكر بعد (القرن الحادي عشر الهجري) ، ونقل منبر جامعها إلى جامع السيد (عمر بن عبد الله المساوى) الذي قام ببناه السيد (عمر بن عبد الله ) في مدينة الحوطه عام (1083هـ) وكان نهاية جامعها يعني نهايتها كمدينة مستوطنة)
ج مدينة الحوطه – حوطه بلجفار بدأ تاريخ مدينة الحوطه كعاصمة منذ تدمير مدينة الرعارع في أواخر عهد الدولة الطاهرية ، وعندما دخل العثمانيون مدينة عدن تحولت العاصمة إلى حوطه بلجفار ، فتدهورت مدينة الرعارع ولم يعد لها ذكر بعد (القرن الحادي عشر الهجري) إلا أن (القمندان) في كتابة (هدية الزمن) يرى أن أول من اتخذ مدينة الحوطه عاصمة للحج هم (عمال الإمام المتوكل والإمام المنصور) ويؤكد على ذلك بأن لهم دارين فيهما هما دار حمادي و دار عبد الله المعروفان بموضعيهما إلى الآن في مدينة الحوطه ، ولما استقر فيها فيما بعد الشيخ فضل بن علي العبدلي عام (1145هـ) أقرها عاصمة للحج وعاصمة لملكة ، وقد نقل عائلته من قرية المجحفة إليها ، وكان فيها أحد عشر مسجدا وثلاثون بئرا للشرب
الرحالة الألماني هانز هولفريتز يصف الحوطة
وصف الرحال الألماني هانز هولفريتز مدينة الحوطة عاصمة السلطنة اللحجية الذي زارها في عهد السلطان العبدلي عبد الكريم بن فضل بن علي الذي اعتلى عرش السلطنة في ديسمبر 1918م ، عندما خلف وراء ظهره مدينة الشيخ عثمان التابعة للسلطات الإنجليزية ، وأخذ يتوغل نحو لحج وتحديدًا مدينة الحوطة والتي أخذت تتراءى له المدينة شيئا فشيئا من وراء الأفق اللامتناهي فيقول : “ وفجأة ارتفع أمامنا في الأفق ، منظر رائع ، وكأن مسة سحرية قد أصابته ، فبعثته إلى الحياة ، إنها قصور ذات أبراج ، تشرق بيضاء لامعة ، كالمرمر ، وقد ارتفعت سقوفها المدورة وشرفاتها الرقيقة . وكان الشيء المدهش ، أنّ جميع هذه المناظر، بدت عائمة في الهواء ، وكأنها مرسومة على نقطة انحدار السماء الزرقاء نحو الأفق ، وقد ضمت أرق الألوان وأكثرها وداعة “ . ويمضي في حديثه ، فيقول : “ وعندما اقتربنا ، أخذنا نبصر الخطوط العريضة للمدينة ببيوتها السمراء المربعة ، وقد تشابكت مع بعضها ، وثبتت أقدامها في الأرض . وتبينا سبب ما أصابنا من خداع النظر من بعيد ، فالبيوت كلها مؤلفة من أكثر من طبقة واحدة ، وجميع طبقاتها العليا مصبوغة باللون الأبيض ، أما الطبقات السفلية فلونها من لون التراب ، وهذا الذي جعلها تبدو لنا من بعيد وكأنها معلقة في الفضاء “ .
ومن أهم المواقع والمناطق الأثرية والتاريخية والسياحية في مدنية الحوطه وهي :-
قصر السلطان :
أبرز معالم مدينة الحوطه حاليا قصر (السلطان عبد الكريم بن علي بن عبد الله العبدلي ) قام ببناءه عام (1347هـ) ، يقع إلى اليمين من ساحة السوق ، الذي ينتهي إليه الطريق القادم من مدخل مدينة الحوطه باتجاه عدن ، وهو عبارة عن قصر كبير بني بهيئة (حرف L) وأمامه ساحة كبيرة تتوسطها نافورة ، وقد بني بطراز يشابه مبان الشرق الأقصى ويشابه – أيضا – قصر السلطان عبد الكريم فضل (الذي بناه في كرتير عدن ، كما يشابه قصر القعيطي في مدنية المكلا ، ويتكون هذا القصر من ثلاثة أدوار وهو من أجمل مباني مدينة الحوطه على الإطلاق ، ودوره الثالث كان يشغل حاليا متحف مدينة الحوطه والثاني اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين .
المسجد الجامع (عمر بن عبدالله المساوى)
يعتبر من أهم مساجد مدينة الحوطه ، بناه (السيد عمر بن عبدالله المساوى) في عام(1083هـ) ونقل منبرة من جامع مدينة الرعارع ، ثم جدده ووسعه (السلطان عبدالكريم فضل بن علي محسن العبدلي ) عام (1348هـ) حتى صار من أجمل وأفخم مساجد اليمن ، يحتوي على قبة متميزة بزخارفها الخارجية والداخلية الجميلة يتكون من طابقين – دورين – استغل الدور الأول كمحلات ، يستخدم ريعها كوقف للجامع ، أما الجامع ففي الدور الثاني وقد زخرفت واجهته الخارجية بطراز الفنون الإسلامية التقليدية ، وله مدخلان ، الأول في جداره الجنوبي ، والآخر في جداره الشرقي وقد تم ترميمه أخيرا في عام 1970م ترميما كاملا .
مسجد الدولة :
بني مسجد الدولة (السلطان أحمد محسن فضل) وجدده أخوه (محمد بن محسن) عام (1292هـ) ويعتبر من أجمل المساجد في مدينة الحوطه ، والتخطيط الهندسي والمعماري للمسجد متأثر بفنون العمارة الإسلامية في بلدان الشرق الأقصى ، وقد دفن إلى جوار المسجد بانيه السلطان (أحمد محسن فضل) كما دفن الى جواره العديد من أمراء السلطنة ، أشهرهم ،(القمندان أحمد بن فضل العبدلي) ويقع هذا المسجد في قلب مدينة الحوطه وتقع الى جواره المنازل القديمة لعشائر السلاطين التي كانت تحكم السلطنة تلك التي كانت تستخدم غالبا كمسرجه حيث توضع داخلها فتيلة المسرجة لتخرج عبرها الإضاءة بأشكال هندسية رائعة .
مسجد الجفارية
يقع مسجد الجفارية في الجهة الشرقية للمقبرة القديمة لمدينة الحوطة ،وبنى المسجد في عام 1952م بناه العمار حسن إبراهيم من الطين واللبن وكان يتسع لعدد 50 مصلياً فقط ، وتم توسيع المسجد من بناء البردين والأحجار ويتسع حاليا لأكثر من 500 مصلي تم بناءه على نفقة فاعل خير.
مسجد بلغيث
يقع مسجد بلغيث في حارة بلغيث بجانب حارة اليهود سابقاً وبنى المسجد في 1100 هـ وينسب مسجد “بلغيث” لعبد الرحمن بن إبراهيم والذي يعتبر شيخاً وعلامة وكان عالماً ذا علم ومعرفة حيث كان المسجد في السابق يتكون من غرفة واحدة وضاحية وبركتي ماء كانت بجانب المقبرة، ثم قام بترميم المسجد السيد احمد بن بلغيث ثم ابنه محمد بن احمد بلغيث ثم شيد من قبل فاعل خير عام 1994م.
مسجدالخير
قبل دخول العثمانيين إلى مدينة الحوطة بعشر سنوات بقيادة القائد العثماني على سعيد باشا وتحديدًا في عهد حكم السلطان أحمد بن فضل محسن العبدلي المتوفى سنة ( 1914م ) قام التاجر صالح فضل العاص في سنة ( 1323هـ / 1905م ) ببناء مسجد سماه الخير ـــ وهو أحد التجار الأثرياء المشهورين في تجارة العطارة ـــ وقيل كان يقام في هذا المسجد دروس في علوم الشريعة من فقه وتفسير للقران والحديث ، و النحو ، والأدب . ومن المحتمل أنّ المسجد في بداية عهده كان يضم في جنباته الكثير من العلماء الكبار ولذلك كانت تدرس فيه تلك العلوم الشرعية وفروعها المتنوعة كما أشرنا قبل قليل . ويسترعي انتباهنا أن المسجد يقبع بين منازل متواضعة عتيقة ، قد بنيت من الطين ، وأنّ تجاعيد الزمن حفرت أخاديد واسعة على جدرانها.
قرية الهذابي (الزيادي) :
تقع قرية الزيادي على الفرع الكبير من وادي لحج الى الشمال الشرقي من مدينة الحوطه ، وكانت تلك القرية تسمى في السابق(الهذابي) وعندما قبر فيها المحدث المقرئ الشيخ علي بن زياد الزيادي الكناني القريضي عام 235هـ) سماها أهل مخلاف لحج الزيادي يسكنها المحامرة وبعض من المساودة وغيرهم .
قرية المحلة :
تقع قرية المحلة على الفرع الكبير من وادي لحج ، جنوب غرب مدينة الحوطه يسكنها (آل ثبتان) و(آل أبي سعد) .
قرية الوهط : –
تقع قرية الوهط على الوادي الكبير من وادي لحج شمال ( بير أحمد )اشتهرت بكثرة مساجدها والعلماء المقبورين فيها ، ولم يرد ذكر اسم قرية الوهط قبل (القرن التاسع الهجري) في المصادر التاريخية ، ويحتمل الاستاذ (محيرز) أنها كانت تحمل اسما آخر غير الوهط ومن أهم مساجدها ، مسجد الشيخ الصالح (عبدالله بن علي بن حسين بن علي ) قام هذا الشيخ الصالح ببناء المسجد أثناء حياته ، توفى عام 1037م كما يفيد النص الكتابي المدون على ضريحه المقام داخل المسجد .
مسجد الشيخ الصالح (عمر بن علي) .
وهو أحد أحفاد الشيخ الصالح السيد علي بن أبي سكران بن عبدالرحمن السقاف ، وهو الشيخ الصالح الذي قدم من موطنه الأصلي من تريم حضرموت الى قرية الوهط ، بنى الشيخ الصالح عمر بن علي هذا المسجد في حياته وتوفى عام (899هـ)وهو التاريخ المدون على ضريحه .
مسجد الشيخ الصالح (علي بن زين) :
وقد بنى هذا المسجد الشيخ (علي بن زين) في حياته .
مسجد الشيخ الصالح (أحمد يحيى قيدار)
بنى هذا المسجد الشيخ (أحمد قيدار) وهو الاسم الذي يحمله هذا المسجد حتى الآن كبقية مساجد قرية الوهط التي تحمل أسماء المشايخ الصالحين الذين قاموا ببنائها ، إلا أن تاريخ بناء هذا المسجد غير معروف ، وقد تم تجديده .
وغيرها من المساجد المنتشره في الوهط .
علما أني قد اقتصرت في بحثي هذا على وادي لحج (تبن) فقط ولم أتطرق إلى باقي مناطق لحج بحسب التقسيم الجديد وإلا فباقي المديريات لها تاريخ عظيم وإنما اقتصرت على وادي لحج (تبن)فقط لا لشيء إلا لان المصادر التاريخية تذكر وادي لحج انه منطقة الوادي وما جاوره و بسبب عدم وجود إمكانيات وكذا صعوبة الحصول على المراجع ولعل الله ييسر فنجمع ما تيسر في أيام قادمة إن شاء الله ومن باب الإشارة نشير إلى بعض المديريات وما فيها فمن هذه المديريات التاريخية يافع ويافع معروفه في التاريخ .
حيث ترجع الى يافع بن زيد بن مالك بن زيد بن رعين ، بطن من رعين وهم من حمير
ذكر محمد علي الأكوع (يافع بن قاول بن زيد بن ناعته بن شرحبيل بن الحارث بن زيد بن يريم ذي رعين الأكير ، وقد خرج من يافع العلماء والأدباء والفقهاء والقادة من عصر الصحابه إلى العصور المتأخرة فمن الصحابة .
1- مبرح بن شهاب اليافعي رضي الله عنه .
2- شريح اليافعي رضي الله عنه .
3- عمرو بن سعوا اليافعي رضي الله عنه .
1- مبرح بن شهاب بن الحارث بن سعد بن ربيعة بن سحيت – مصفرا – ابن شرحبيل الرعيني الحميدي ، ثم اليافعي وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في اربعة نفر ثم شهد فتح مصر .
2- شريح اليافعي رضي الله عنه .
اسمه ونسبه : هو شريح بن أبرهة اليافعي ويقال شريح بن أبي وهب الحميري قال الدكتور عبد الله بن بجاش الحميدي في كتابه الحديث والمحدثون في اليمن في عصر الصحابة ( لا منافاة بين نسبته الى حمير أو يافع فيافع بطن من حمير وهو سراه حمير
صحبته : قال ابن يونس له صحبه وذكره في الصحابة ابن منده ، وابن قانع وأبو نعيم ، وغيرهم .
مشاهدة : شهد فتح مصر قاله ابن يونس .
روايته : روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه محل بن وداعه ، أخرج حديثه الطبراني وغيره .
مروياته :
قال الطبراني في الكبير حدثنا محمد بن نصر الأصبهاني ، ثنا سليمان بن داود الشادكوني ، ثنا عبدالواحد بن عبدالله الأنصاري ثنا شرقي ابن القطامي ن عمرو بن قيس ، عن محل بن وداعه عن شريح بن ابرهة قال :رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر في أيام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر حتى خرج من منى .