من تهديد الملاحة لـ”خارطة الطريق” للإرهاب، فتح نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني اللواء ركن فرج سالمين البحسني الملفات الشائكة في بلاده.
وفي مقابلة مع “العين الإخبارية”، أكد نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن أن هجمات الحوثي في البحر الأحمر تشكل تهديدًا على ممر الملاحة الدولية وتتطلب ردعا دوليا.
كما شكك البحسني في نوايا ومصداقية مليشيات الحوثي في الالتزام بمضمون خارطة الطريق الأممية التي قدم المجلس الرئاسي الكثير من التنازلات في سبيل إخراجها.
وأوضح أن “مجلس القيادة الرئاسي لن يقدم التنازلات إلى ما لا نهاية”، وأن “مرونة المجلس وضعت مليشيات الحوثي أمام العالم والمجتمع الدولي، لتثبت مدى رغبتها أو التنصل عن عملية السلام”.
وكشف عضو مجلس القيادة الرئاسي عن تحديات كبيرة تواجه قيادة الشرعية إثر تدفق أعداد كبيرة من العناصر الإرهابية لاسيما إلى حضرموت وأبين وعدن وشبوة بدعم وتسهيل من قبل مليشيات الحوثي.
لكنه أكد أن تشكيل قوة لمكافحة الإرهاب وتعيين قائد لها بقيادة اللواء شلال شائع ودمج الأجهزة الأمنية الاستخباراتية، خطوات تهدف إلى الحد من هذه العمليات الإرهابية.
وإلى نص الحوار:
حدثنا عن خطر هجمات الحوثي في البحر الأحمر وكيف يمكن ردعها؟
خطر الحوثي ليس وليد اليوم في البحر الأحمر، خطر الحوثي بدأ منذ انقلاب المليشيات على الدولة والحكومة الشرعية في صنعاء عام 2014، واجتياحها للمحافظات الجنوبية، وشن الحرب أيضًا على دول الجوار وانتهاج النهج العسكري والتسليح بدلًا من الاهتمام بقضايا ومعيشة المواطنين.
أما الخطر الذي يتمثل في البحر الأحمر فهو يشكل تهديدًا على ممر الملاحة الدولية بسبب هجمات المليشيات العدائية على السفن التجارية في مناطق ساحل اليمن قرب مضيق باب المندب، الذي يعد ممرًا مهمًا للنقل البحري بين البحر الأحمر والمحيط الهندي. وإذا استمرت هذه الهجمات دون ردع، فقد يتسبب ذلك في تعطيل حركة الملاحة والتأثير على التجارة البحرية العالمية، في ظل تراخي المجتمع الدولي وعدم تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.
ويتطلب ردع هجمات الحوثي في البحر الأحمر، جهودًا دولية متعددة الأطراف، ومنها استعادة الاستقرار في المنطقة عن طريق التوصل إلى حل سياسي للصراع الحالي، والتشبث بتنفيذ اتفاقات السلام، وتكثيف عمليات مراقبة البحر وتأمين الممر المائي، وتعزيز قدرات التعرف على الأهداف وردع الهجمات، وكذا فرض حظر دولي على إمدادات الأسلحة إلى الحوثيين وشن عمليات تفتيش للسفن المشتبه بها لوقف تهريب الأسلحة، وتعزيز التعاون الإقليمي لمنع تهديدات الحوثي وتأمين الممر الملاحي.
بالإضافة إلى زيادة الوعي الدولي حول التهديد الذي يشكله الحوثيون وتأثيراته السلبية على ممر الملاحة الدولية، وتشجيع الدول على دعم الجهود الرامية إلى إعادة الاستقرار في اليمن. ولذلك يجب اتخاذ إجراءات حاسمة تجاه غطرسة هذه المليشيات الخارجة عن النظام والقانون.
ماذا عن مضمون خارطة الطريق الأممية؟
خارطة الطريق التي ترعاها الأمم المتحدة بُذلت خلالها جهود كبيرة من قبل المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، وقدّم مجلس القيادة الرئاسي الكثير من التنازلات أيضًا في سبيل إخراجها إلى حيز الوجود، على أمل أن تكون الخارطة ناجحة إذا صدقت النوايا.
ولكن أشك كثيرًا في مصداقية الحوثيين في الالتزام بما ورد فيها، كما أن خارطة الطريق تضمنت فك الحصار عن المدن وفتح الطرقات سواء كانت مدينة تعز أو أي مدينة أخرى.
إلى متى سيستمر التعنت الحوثي؟
التعنت الحوثي من عملية السلام واضح للعيان منذ مفاوضات الكويت واجتماعات ستوكهولم وكل اللقاءات التي تلت ذلك. واليوم نضعه أمام العالم والمجتمع الدولي. أما مجلس القيادة الرئاسي، فإنه لن يقدم التنازلات إلى ما لا نهاية، وما يصفه البعض من التنازلات من قبل المجلس الرئاسي غير صحيح، وإنما هي مجرد مرونة من أجل أن يعم السلام أنحاء الوطن وتنطوي صفحات الحرب وتعود الحياة إلى طبيعتها.
ما هي رؤيتكم للحل، وهل يمكن أن يكون الحوثي جزءا من أي حكومة مقبلة؟
رؤيتنا للحل واضحة في استعادة المؤسسات والدولة الشرعية وإنهاء مظاهر الانقلاب الحوثي وتطبيع الحياة كليًا، وخلق علاقة أخوية صادقة مع دول الجوار وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وحل القضية الجنوبية بما يرضي رغبة الشعب في الجنوب.
الأسرى والمعتقلون، متى يمكن إتمام الصفقة التالية في هذا الملف الإنساني؟
تضمنت خارطة الطريق حلًا يضمن إطلاق جميع الأسرى والمختطفين من كل الأطراف، وهناك لجنة سبق أن عملت خلال الفترة الماضية وسوف تستعيد نشاطها، وأكد مجلس القيادة الرئاسي أهمية مواصلة عملها حتى الإفراج عن جميع الأسرى المعتقلين.
ملف محاربة الإرهاب، ما هي التحديات وأبرز المكاسب؟
مثّل ملف مكافحة الإرهاب تحديًا كبيرًا بالنسبة لقيادة الشرعية، وبصورة خاصة القيادات في المحافظات المحررة خاصة الجنوبية خلال الفترة الماضية. ولا أخفي عليكم أن العناصر الإرهابية تمكنت من الاستيلاء على ساحل حضرموت وبسطت سيطرتها عليه عام 2015، وكان لابد من تعاون دول التحالف العربي بقيادة السعودية ودولة الإمارات لاجتثاث هذه الآفة من تلك المنطقة الحيوية والمهمة من حضرموت.
وتبنّت دولة الإمارات العربية المتحدة مسألة عملية تحرير ساحل حضرموت ووضعت خطة لفتح معسكرات في صحراء الربع الخالي بعيدًا عن أنظار العناصر الإرهابية تم فيها تدريب آلاف الشباب تدريبًا عسكريًا متقدمًا وتم تجهيزهم لوجستيًا وتدريبيا لأكثر من 4 أشهر. وعندما اقتنعت قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة وقيادة الشرعية أن هذه القوة جاهزة لعملية التحرير، تم وضع خطة لهذه العملية تضمنت إشراك المقاومة الشعبية والقوى القبلية والمجتمعية.
وفي الـ24 من أبريل/نيسان 2016، تمّت عملية التحرير بنجاح، حيث تحركت القوة التي يزيد قوامها على 15 ألف جندي وضابط وصف ضابط من الهضبة في 3 محاور على بعد 200 كم من مدينة المكلا بهذه العملية الناجحة وهذه السرعة التي أبهرت بها القوة الحضرمية العالم. وبذلك تكون حضرموت قد أسهمت بقسط في الحرب الدولية على الإرهاب.
والتحديات التي واجهتنا سواء كانت في محافظة حضرموت أو أبين أو شبوة أو عدن، هي تدفق أعداد كبيرة من العناصر الإرهابية من وقت لآخر لهذه المحافظات ويتم ذلك بدعم وتسهيل من قبل مليشيات الحوثي.
لكننا نستطيع القول إن هناك مكاسب كبيرة تم تحقيقها في الحرب على قوى الإرهاب؛ فاليوم لا توجد أي تجمعات كبيرة تؤثر على الأمن والسكينة في محافظات حضرموت وأبين وشبوة أو أي محافظة من المحافظات المحررة. لكن اليقظة والحذر والانتباه مطلوب؛ فالقوى الإرهابية مهما تلقت من هزائم، إلا أنها قد تمارس أساليب إرهابية مختلفة من وقت لآخر.
ما أهمية توحيد الأجهزة الأمنية والاستخباراتية أمنيا؟
توحيد الأجهزة الأمنية والاستخباراتية أمر مهم جدًا وهاجس يومي بالنسبة لمجلس القيادة الرئاسي، فقد جرت محاولات عديدة في الماضي لتحقيق هذا الهدف وتم تكليف لجنة للقيام بهذه المهمة. وبالمناسبة في اجتماع 4 يناير/كانون الثاني 2024، اتخذ مجلس القيادة الرئاسي قرارًا بدمج الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في جهاز واحد وشدد على ضرورة التأهيل والتدريب والمهنية وأن يكون هذا الجهاز جهازا وطنيا.
من يقف خلف الاغتيالات والتفجيرات التي تستهدف كبار رجال الدولة؟
أصبح واضحا أن من يقف خلف هذه العمليات هي الأجهزة الأمنية والاستخباراتية للعناصر الحوثية، وأيضًا قوى لا يروق لها الاستقرار والأمن والتوجه الذي تنتهجه قيادة المجلس الرئاسي وهي قوى معروفة بعدائها المستمر في الماضي والحاضر وبالتالي تضع بعض الشخصيات القيادية هدفًا لها لتصفيتها، إضافة إلى القوى الإرهابية التي تسلك نفس النهج.
لكنني أرى أن قرار تشكيل قوة لمكافحة الإرهاب وتعيين قائد لها وهو اللواء شلال علي شايع ودمج الأجهزة الأمنية الاستخباراتية وتدريبها وتأهيلها وتنظيم عملها بروح وطنية عالية سوف يحد من تلك العمليات.
حدثنا عن الدور الإنساني الإماراتي في اليمن؟
منذ تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة على يد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمة الله عليه، والدعم الإنساني يتدفق على اليمن، والشواهد كثيرة مثل سد مأرب ومشاريع إنسانية أخرى وسد باتيس حاليًا، بالإضافة إلى الدعم الواضح لأذرع الإمارات الإنسانية والمتمثلة بهيئة الهلال الأحمر الإماراتي ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، التي طالت جميع القطاعات الصحية والتعليمية والخدمية؛ فالدعم الإماراتي أيضًا لم يكن محصورًا في اليمن بل تعدى ذلك ليصل إلى مختلف الدول.
ففي أحلك الظروف وأصعبها، هبّت الإمارات لإنقاذ اليمن ومساعدته في التخلّص من قوى الإرهاب ومواجهة القوى الانقلابية الحوثية وقدمت كل شيء في سبيل أن يستطيع الشعب اليمني التغلب على هذه المحنة، فلا يمكن أن تتحرر حضرموت من قبضة العناصر الإرهابية دون دعم قوي ومشاركة فعالة من قبل دولة الإمارات، ولا يمكن أن تتحرر عدن وبقية المحافظات الجنوبية الأخرى من قبل الاجتياح الذي تم من قبل الحوثيين دون مساعدة أو مشاركة فعالة من قبل دولة الإمارات.
واليوم نتطلع إلى شراكة أخوية لمساعدة شعبنا للتغلب على الصعوبات الاقتصادية وتوفير أبسط مقومات الحياة، والتدخل بشكل أكبر في قطاعات الكهرباء والصحة والمياه والتعليم، فنحن عرفنا جيدًا كم هي صادقة وسخية قيادة دولة الإمارات في تعاملها مع اليمنيين.
تتردد مزاعم وشائعات حول انقسام داخل المجلس الرئاسي توثر على وحدته وأدائه، ما حقيقة ذلك؟
تأسس مجلس القيادة الرئاسي في ظروف استثنائية صعبة جدا ومنذ نشأته كان مستهدفًا إعلاميًا وغير ذلك، فالحوثيون وصفوه بأنه مجلس حرب، وقوى أخرى أطلقت عليه تشبيهات أخرى. ولكن للأمانة، فإن أعضاء هذا المجلس يعملون كفريق واحد بقيادة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي بروح وطنية وبروح الفريق الواحد لمعالجة القضايا المهمة والمعقدة والوصول إلى توافق حولها، وهذا دليل قاطع على عدم صحة أي شائعات حول أي انقسامات داخل المجلس.